”دوروثيا ديكس”.. أول محاربة في سبيل حق المرضى العقليين في العلاج
الأكثر مشاهدة
في عصر كان ينظر فيه حتى الأطباء للمرضى النفسيين والعقليين على أنهم سكن للأرواح الشريرة، وأن علاجهم في الضرب والرجم، أو فتحت ثقوب في جماجمهم لطرد الشياطين أو حتى رميهم في الماء الساخن.
ولدت بطلتنا الإنجليزية دوروثيا ديكس، يوم السابع من ديسمبر عام 1789، ليكن هذا اليوم نعمة على من يعانون الأمراض النفسية والعقلية، فيومها ولدت بطلة تكافح من أجل من فقدوا القدرة على الكفاح بأنفسهم، فانفقت عمرها كله في سبيل أن يجد المرضى النفسيين والعقليين الرعاية الصحية التي يحتاجونها، خاضت معركة من أجل اعتبار ما أصابهم مرض عادي يمكن ان يلحق بالعقل والنفس كما يلحق بأي عضو آخر.
استعدادها واهتمامها كان وليد فقدانها لأبيها في أحد النوبات التي كانت تصيبة فلا يستطيع التحكم في غضبه حتى يمرض، في إحدى نوباته هربت دوروثيا لبيت جدتها وهناك مرضت بالدرن فذهبت بها جدتها للطبيب "تيوكس" وهناك تعرفت على الطبيب الذي عالجها ورغبت في أن تصبح ممرضة لديه وهو ما وافق عليه، وبدأت في تعريفها ما يلاقيه مرضى الأمراض العقلية والنفسية من هوان، فقد كانوا في لندن يقيدون هؤلاء المرضى في سلاسل وأقفاص ويتجمع السكان ليشاهدوهم نظير بضعة بنسات وكان ذلك متعة الجماهير، فالقانون يعتبرهم في حكم الحيوانات ولا حق لهم على الدولة .
ما حكاه لها الطبيب تيوكس حرك ضميرها فأبت إلا أن تساعد هؤلاء الضعفاء، ذهبت دوروثيا إلى مجلس العموم البريطاني تطلب الاهتمام بمرضى النفس والعقل، فسخروا منها.. فقررت الهجرة لأمريكا وتحديدًا بوسطن، وهناك وجدت مثل ما تركت في لندن، معاملة مذلة فقد كانوا يحبسونهم كالسجناء في أماكن قذرة عارية من أي شيء ويتركونهم مقيدون في الحوائط، يضربون ويصعقون ليلًا نهارًا.
في اليوم التالي لما رأته، نزلت إلى الشوارع وبدأت حملة بآلاف المنشورات توزعها في الشوارع
شرحت فيها حالة المرضى وما يلاقونه. إلى أن كسبت أول جولة حينما اعترف مجلس الولاية بالمستشفى التي ترعى المرضى.
وبعد 3 أعوام وضعت تخطيطا لأول مستشفى للأمراض العقلية في أوروبا وأمريكا على غرار مثيلاتها التي كانت في القاهرة قبل ذلك بألف عام بيمارستان قلاوون الذي خُصص فيه قسم للمرضى العقليين.
بعدها أصبحت الولايات تتنافس في إنشاء لهؤلاء المرضى، من جديد شرعت الممرضة الرحيمة حملة جديدة مكثفة من أجل حياة عادلة للمرضى العقليين والنفسيين وتحقق حلمها حين أصدر"أبراهام لينكون" عام 1855 قانون بمسئولية الحكومة الفيدرالية عن مستشفيات الأمراض النفسية والعقلية، وحين أمرت "الملكة فيكتوريا" لجنة لفحص حالة المستشفيات والملاجئ التي تأوي المرضى، وحين بلغ اهتمام البابا "بيوس التاسع" بزيارة المستشفيات في إيطاليا متخفيًا.
بعد 40 عامًا من العمل في هذا الميدان لم تلبث أن تستريح في البيت الذي أخذته من أجل ذلك، فوصلت لها رسالة من واشنطن بتعينهها رئيسة للجنة العليا للمتابعة في مستشفيات الأمراض العقلية والنفسية في جميع الولايات لكن الوقت لم يمهلها فسقطت ميتة قبل أن تذهب لتلبية طلب الرسالة.
بعد وفاتها أرسل مجموعة من المرضى برسالة إلى رئيس الولايات المتحدة في واشنطن يطلبون السماح لهم بحضور موكب جنازة دورثيا مخلصتهم الحبيبة.
الكاتب
ندى بديوي
الأربعاء ٠٥ أبريل ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا